كيف تم قبول فيرونيكا في الدير رغم اكتمال العدد؟ وما هي المعجزة التي رافقتها طيلة حياتها؟

7٬491

بعد أن حصلت أورسولا (قدّيستنا فيرونيكا جولياني) على موافقة والدها وسماحه لها بدخول الدير لتصبح راهبة، الأمر الذي تاقت اليه دائما، رغبت بالإنتساب الى الدير الأشدّ صرامة في قوانينه.

شيتا دي كاستيلو

بما أنها قد سمعت الكثير من الثناء بخصوص دير الراهبات الكبوشيات في شيتا دي كاستيلو، فأبلغت عائلتها برغبتها في الإنتساب اليه، بالرغم من أن ثلاث من أخواتها التحقتا بدير القديسة كلارا في مدينة ميركاتيلو مكان ولادتها، وهنّ الأخت ماري روز والأخت آنا ماريا والأخت لويزا التي كانت تحبّها كثيراً. رافقها عمّها الى شيتا دي كاستيلو لمقابلة الأسقف المسؤول المونسنيور جوزيبي سباستياني المشهور بتقواه.

عندما قُدّمت أورسولا وعمها لنيافته، وحين طرحوا أمامه طلبها بدخول دير شيتا دي كاستيلو، أبلغهما الأسقف بأن العدد مكتمل بالدير وقد قبل منذ أيام قليلة مبتدئة جديدة للمكان الشاغر الأخير (التي ستصبح فيما بعد الأخت كلارا فيليكس زميلة القديسة فيرونيكا).

وبما أنه لم يكن هناك اقتراح آخر، خرجت أورسولا حزينة من عند الأسقف. لكن بينما كانت هي وعمّها ينزلان درجات قصر الأسقفية، شعرت بدافع علويّ قوي جعلها تطلب من عمّها العودة معها الى الأسقف. حين وصلت أمامه ارتمت الفتاة عند قديميه بتواضع عظيم، راجية إيّاه بحماس كبير أن يمنحها طلبها. تأثّر الأسقف من اندفاعها وعظيم رغبتها بالإنضمام الى الرهبنة فقرّر منحها الأمر استثنائياً إذا أجابت على اختبار وضعه خصّيصاً ليمتحن إيمانها ومعرفتها. عندها طلب منها الإجابة على أسئلة، فسألها بين أمور أخرى إن كانت تستطيع قراءة اللغة اللاتينية. أجاب عمّها بأنها لا تعرف اللغة . لكن أورسولا في اندفاع غير عادي، وثقة حيّة في الله، أخذت كتاب صلوات الفرض من يد الأسقف وقرأت بصوت عالٍ منه بسهولة وإتقان ودقّة، بطريقة أظهرت أنها تفهم تماماً معنى ما تقرأ. هتف عمّها باندهاش “إنها بلا شك معجزة!”

بالحقيقة كانت معجزة لأنها لم تتعلّم أبداً اللغة اللاتينية. ودامت هذه المعجزة طوال حياتها. إذ منذ ذلك الوقت كانت دائماً قادرة على قراءة اللاتينية بطلاقة، وتقتبس منها بذكاء ودقّة.

الأسقف الصالح الذي كان مندهشاً من هذا الحدث، وبالأكثر من البراءة والفضيلة الواضحة في إجاباتها، وعدها بتحقيق رغبتها والحصول لها على موافقة راهبات الدير. بعدها صرفها من عنده. في الحال توجّه الأسقف نحو الدير، وبعد أن شرح الفوائد والقِيم التي ستُضيفها هذه المنتسبة الجديدة (القديسة فيرونيكا) والتي سيكتسبها مجتمع الدير، وافقت الراهبات على قبولها بالرغم من أنهم سيتجاوزون عددهم المقرّر. حالما وصل اليوم الذي ستقدّم فيه أورسولا رسميا طلب قبولها في الدير، توجّهت الى كنيسة الدير لتستلم نتيجة الطلب. كانت هناك أيضاً الشابة كلارا فيليكس التي ذكرنا أنها قُبلت من قبل الأسقف، لأن الدير سيقوم بالتصويت بشأنها أيضاً في نفس المناسبة.

من شهادة الأخت كلارا نتعلّم عن أحداث ذلك اليوم التفاصيل التالية:
استلقت متمدّدة على الأرض في صلاة عميقة، باجتهاد راجية عريسها الإلهي أن يحقّق رغبتها العارمة. بعد فترة طويلة وصل الخبر بأن تمّ قبولهما الإثنتان. وسرعان ما جاء الكاهن المعرّف الى المذبح وسلّم أورسولا الحبل المقدّس كالمتّبع في قوانين الدير.

نعود الى شهادة رفيقتها كلارا التي أدلتها تحت القسَم أثناء عملية تطويب القديسة فيرونيكا من أجل تشكيل فكرة عن فائض الفرح والنشوة الذي غمر القديسة في هذه المناسبة.

“بعد أن تلقيّنا إشعاراً عن قبولنا في مجتمع الدير، وعندما أعطانا المعرّف الحبل المقدّس، بقينا نحن الإثنتان وحدنا في الكنيسة لنشكر الرب على النعمة التي أنعم بها علينا. لكن بما أنني كنت أعلم أن الأمّ الرئيسة تنتظرنا  عند نافذة الشعرية (فاصل عادة يكون من جدار خشبي يحتوي على فتحات يفصل بين جمهور الدير والكهنة او الزائرين)، التفتُّ الى الإنسة أورسولا لأدعوها الى مرافقتي للقاء الرئيسة، حين نظرت اليها شاهدتها غارقة في انخطاف، لدرجة أنها لم تكن واعية لوجودي، على الرغم من أني حاولت عدّة مرّات تحريكها، واستعملت القوّة لجذبها، لم تشعر بها على الإطلاق.”

“عندها ركعت على ركبتي بجانبها وتركتها في الحال التي هي فيه. الراهبات، لم يعرفوا شيئاً عن كل هذا، لم يستطيعوا معرفة سبب كل هذا التأخر، فأرسلوا إحدى الأخوات لإخبارنا بأن الأمّ الرئيسة تنتظرنا. عندها عادت أورسولا الى نفسها وذهبت معنا. كانت لا تزال منتشية وسعيدة للغاية من جراء قبولها في الدير، كان واضحا أن قلبها يعيش حالة ابتهاج.”

ذلك حدث في 17 يوليو/تموز من عام 1677 وكانت تبلغ حينها السابعة عشر من عمرها

مواضيع ذات صلة