لائحة ببعض العذابات التي كانت جزءاً من حياة القديسة فيرونيكا

4٬710

منذ طفولتها كانت القديسة فيرونيكا جولياني تبحث عن الإماتات والألم وذلك تجاوباً منها على المقدار الكبير من الحبّ الذي سيملؤها به الله. سارت على درب الصليب حياتها كلّها منذ سنوات تكرّسها الأولى وحتى يومها الأخير على الأرض. باحثة عن العذابات والإماتات مخترعة ألوانا متنوّعة من أساليب التكفير، حبًّا بالله وبخلاص النفوس. كانت تردّد مرارًا: “الصلبان والآلام هي أفراح وإنعام”.

القديسة فيرونيكا

وكم مرّة سوف تُردّد: “يا إلهي! نفوس! أطلبُ منك نفوسًا” وكان صوت يجاوبها: “إشتريها بنقود الألم”. وكانت فيرونيكا، باسطة ذراعيها، مُظهرَةً يديها ورجليها وقلبها، تقول: “يا ربّ، لقد اشتريتها. إنّني ضحيتك. اصلبني”. “إنّ مدرسة الحبّ، الحبّ الحقيقيّ، هي الألم… والكتاب ليس سوى يسوع المصلوب”.

ولكي تزداد شبهاً واتّحاداً بعريسها الإلهي المصلوب احتملت آلاماً متواصلة. لا ترجو من تقدمة نفسها ذبيحة مرضية وضحيّة للعدالة الإلهية سوى عمل مشيئة الله. فيما يلي لائحة مختصرة جداً من العذابات التي اعتادت تحمّلها:

– سألها يسوع ألاّ تغتذي سوى به، (وسمح لها بالمناولة يوميًّا، في حين كان المسموح مرّتين في الاسبوع). وأمام رَفْض المسؤولين، عدّلها إلى خبز وماء. ولمّا لم يتمّ الحصول حتّى على ذلك، جعل معدتها ترفض وتتقيّأ أي طعام آخر، إلى أن وافق الرؤساء.

– طلب منها السير حافية القدمين؛ وأمام رفض السلطة التي كانت تخشى التفرّد، انتفخت قدماها بشكل غير قابل للتفسير. وقد أقرّ الطبّ بعجزه عن شرح هذه الظاهرة، سقطت الموانع، ونالت الموافقة.

– جعلها تشرب عدّة مرّات كأس مرارة بستان الزيتون، وكان مُرًّا لدرجة أنّ كلّ ما يحيط بها أضحى مُرًّا بشكل مميت: الطعام، الماء، الهواء، حتّى إنّها غابت عن الوعي، ووصلت إلى ذرف دموع من دم، وارتفاع حرارتها إلى مستوى يهدّدها بالموت.

– كلّلها يسوع بالشوك مرّات عدّة، مُسبّبًا انتفاخًا غير طبيعيّ في الرأس، لم يستطع الأطبّاء سوى زيادة خطورته بأساليبهم الطبيّة المؤلمة. أشواك دخلت الجمجمة، الرأس، الصَدْغين، الأذنين، العينين. حتّى إنّها سقطت أرضًا كالمائتة: “ستشعرين بهذه الأشواك طيلة حياتك تقريبًا” قال لها يسوع وهو ينْهِضُها.

– تحمّلت جَلْدًا بأيدٍ غير منظورة حتّى سالت دماؤها أرضًا.

– وضع يسوع صليبه الثقيل للغاية على كتفها، حتّى إنّ العظم بقيت ملتوية مدى حياتها، كما سيؤكّد التشريح.

– تكرار “الاعتراف العام” الصوفيّ الرهيب، حيث كان قلبها ينفطر لرؤية كلّ إهاناتها لله بقلق مميت كانت تُقدّمه لارتداد الخطأة خاصّة الذين يجدون صعوبة بالتقدّم من سرّ الاعتراف.

– نالت السمات الظاهرة: خمس شعاعات تخرج كسهامٍ مشتعلة من يسوع المصلوب وتخترق يديها، رجليها وجنبها، فتجعلها مصلوبةً مع عريسها المصلوب.

– بالإضافة الى عذابات المسيح كانت القديسة فيرونيكا تشعر أيضاً بآلام وأحزان السيّدة العذراء في قلبها.

– زارت المطهر تقريباً بشكل يومي، لتبقى فيه مكفّرة عن نفوس الكثيرين. تحمّلت العذابات المريعة مكانها بالوقت التي صعدت النفوس الى السماء.

جرح يسوع قلبها وكان الجرح ينفتح ويلتئم بحسب رغبة الطاعة، وإنّ مشاهدة الآلام كانت تتجدّد بحسب رغبة الرؤساء.

– كانت تحتمل عذابات هائلة من الشياطين التي كانت تحاربها باستمرار. فكانت تظهر لها بأعداد كبيرة، بأشكال مرعبة، مهدّدة، بلا حياء. كانت تعوي، تخور، تكفر. كأنّها تخرج روائح نتنة لدرجة تحملها على الغثيان والغيبوبة. كانت ترمي في صحنها قبضات من الشعر، العناكب، الفئران الميتة. كانت ترميها في النار. ترطمها بالحيطان، ترميها بحجارة ضخمة، تكسر عظامها، ترفسها وتضربها بشكل غير معقول.

خلال كل تلك العذابات والآلام لم تفقد القديسة فيرونيكا سلامها الداخلي. بل بقيت مستسلمة لمشيئة الله مقدّمة كل شيء لمجد الله وخلاص النفوس.

مواضيع ذات صلة