لماذا كانت الطفلة فيرونيكا جولياني تلوم السيدة العذراء؟ وماذا كان رد فعلها هي وابنها يسوع؟

9٬912

القديسة فيرونيكاعندما أكملت أورسولا (القديسة فيرونيكا) عامها الثالث، كانت بذور التعبّد التي زرعتها السماء تتطوّر يوماً بعد يوم. حتى في هذا السن المبكّر، لم تؤثر فيها الرغبات الطفولية ولم يسحرها او يجذبها اللهو واللعب. بدل الألعاب اختارت الإنشغال بصورة جميلة معلّقة على الحائط للسيدة العذراء تُرضع طفلها الإلهي. أمام هذه الصورة صنعت مذبحاً صغيراً، وكل أفكارها واهتماماتها كانت تتمركّز حول معبدها هذا الصغير.

غالباً ما كانت الطفلة فيرونيكا تدعو أخواتها لمساعدتها في عملها التقوي. لم يكن ذلك مجرّد هواية تلتهي بها قديستنا الصغيرة، بل كان شغلها الشاغل. فعندما كانت تحاول أمها او اخواتها تزيين شعرها بالشرائط كانت تنزعها وتزيّن بها المذبح الصغير. وكذلك فعلت مع كل الحلى والدمى. كل واحد منها كان يجد طريقه الى المذبح لتزيين هذه الزاوية العزيزة على قلب الطفلة. وهذه البساطة المقدّسة نالت إعجاب ملكة السماء وابنها الطفل الإلهي، كانت تحدّثهما كما تفعل مع أفراد عائلتها، كأنّهما حاضران أمامها بالفعل. غالباً ما كانت تضع طعامها على المذبح داعية الرب يسوع الى مشاركتها به، ثم تختبئ خلف كساء المذبح لترى إن كان حبيبها الطفل يسوع ينزل ويلبّي طلبها.

عندما لم تتحقّق أمنيتها، كانت تُظهر عدم رضاها وتصرخ قائلة: “إن لم تأكل، فلن آكل انا ايضاً”. أحيانا أخرى كانت تتوسّل للسيدة العذراء أن تعطيها طفلها الإلهي لتحتضنه. عندما ترى أن صلاتها لم تُستجاب، كانت تضع كرسيّين الواحد فوق الآخر من أجل أخذ كنزها بالقوّة. سقطت عن الإرتفاع أكثر من مرّة وأصابت رأسها بكدمات وجروح بالغة. حالما تقف على رجليها كانت تلوم العذراء القديسة لرفضها طلبها، وتدعوها لمعالجة الإصابة، لم تكد تلتمس ذلك حتى كانت تُشفى فوراً.

كانت هذه البساطة تُرضي العذراء القديسة والطفل الإلهي لدرجة أنه في عديد من المناسبات دبّت الحياة في الصورة واستطاعت القديسة الصغيرة مداعبة الطفل يسوع وحمله على ذراعيها. أحياناً أخرى كان يسوع ينزل عن ذراعي والدته الطوباوية ويشاركها في الطعام الموضوع على المذبح. إنه مشهد مؤثر أن نرى الطفلة القديسة تتضرّع الى مريم العذراء أن تسمح لإبنها يسوع بالنزول لمرافقتها حيثما تذهب. كانت مريم تستجيب لها طالبة من يسوع ان يلبّي رغبة الصغيرة، فيمدّ يده في رضى صوب القديسة التي كانت ترقص فرحاً عند تحقيق طلبها.

تبادل الحب هذا ألهب قلب اورسولا بحبّ اعظم نحو موضوعَي عبادتها، فسمعت يوماً بينما كانت تتحضّر للصلاة، صوت السيدة العذراء تكلّمها من الصورة بلهجة مليئة بالحنان. قالت لها: “يا ابنتي، إبني يحبّك بلا حدود. أعدّي نفسكِ، فسوف يكون عريسك”. بهذه الكلمات اشتعلت نيران الحب في روحها أكثر وأكثر وصارت تتوق لتقدمة نفسها كلّياً ليسوع. مهما كان لديها أشياء جميلة وجيدة كانت تقدّمها له على مذبحها الصغير. في أحد الأيام تلطّف الطفل يسوع مقرّاً بكرمها وقال لها: “أحبّكِ كثيراً. احرصي على أن لا تبذلي حبّك لشخص آخر غيري انا وحدي”. فأجابت أورسولا بسرعة: “حبيبي يسوع، أحبّك بشغف كبير! علّمني ما تريد مني أن أفعل”. عندها التفت الطفل نحو أمّه العذراء وقال: “رغبتي أن تكوني مرشدة لطفلتنا الحبيبة هذه”.

مواضيع ذات صلة