يسوع ومريم يحضّران فيرونيكا لبدء الأعراس السماوية

4٬455

veronica فيرونيكا جولياني

هذا الإتّحاد الأكثر حميمية، نتيجة الحبّ المثالي، الذي يجري بين النفس والله، يتم وصفه في صفحات الكاتبة القديسة بعنوان “الأعراس”. عبر كل سفر نشيد الأناشيد، يصف الملك سليمان احتراق الروح الإلهي حبّاً. هذا الحبّ المتبادل بين النفس القديسة وإلهها، الذي يتمّ الإشارة اليهما بكونهما العريس وعروسه المخلصَين.

كتبت القديسة فيرونيكا تصف الأعراس السماوية التي نالتها – هذا الإتّحاد الإلهي بالنفس:

[ظهر لي الرب يسوع ورأيت في جنبه الأقدس جوهرة رائعة الجمال التي بدا لي أنه ينظر اليها بسرور. شعرت برغبة قويّة لمعرفة من الذي قدّم له هذه الهديّة الثمينة. نظر إليّ وسألني إن تعرّفتُ عليها. فأجبته: “لا أعرف، لكن أعتقد أن نفس مُحبّة قد قدّمت لك بعض المعاناة الخاصة، لأنني أشعر أنها أتت من كنوز المعاناة والآلام.”

فأجابني الربّ بفرح: “إعلمي إذن، يا محبوبتي أنّك أنت من قدّم لي هذه المراضاة بمعاناتك في اليومين السابقين. في كل مرّة تكرّرين الإعلان بأن ليس لديك إرادة سوى إرادتي، وفي كل مرّة تجدّدين فعل الإستسلام والخضوع، تزيدين جراحاتي المقدّسة جمالاً. وجميع معاناتك وآلامك معاً كوّنت هذه الجوهرة، التي أحتفظ بها في جنبي، وأنظر إليها بسرور عظيم. لن أكفّ أبداً عن النظر إليها، وبعيون مُحبّة سوف أراها تنمو باستمرار وتزداد جمالاً. إنّك قادرة الآن على إدراك مدى وضوح معاناتك لي.”

في هذه الكلمات أضرم في داخلي رغبة مشتعلة الى جميع أنواع العذابات، فأجبته بهذا: “إنّي مستعدّة يا إلهي، أن أكون ضحيّتك المصلوبة على مذبح الصليب. أشتهي أن أكون مصلوبة معك. وأن أخضع لجميع العذابات التي احتملتَها، وفي هذا، كما في كل شيء آخر، أخضِع نفسي لمشيئتك القدوسة.”

في تلك اللحظة، انحنى الرب وأحتضن نفسي مانحاً إياها قُبلة واحدة إلهية، لكنها كافية لتتّحد روحي بالله في طريقة لم أختبرها من قبل، وفي طرق عديدة مختلفة، جوهرها احتفالات بعقد الخطوبة. لا يمكنني وصف شعوري. عندما نعود من مثل هذا الإتّحاد، لا نستطيع تكوين فكرة حيّة عن الكنوز التي لا حصر لها والكامنة بخفاء تحت الصلبان، الإهانات، الإذلالات، وإحتقار زملائنا المخلوقات. هذه هي الدروس التي يتعلّمها المرء في مدرسة الحبّ الإلهي.]

تجدر الإشارة هنا، أن يومين قبل هذه الرؤيا، في عيد بشارة السيّدة العذراء، سُرّت العذراء المباركة في تكريم فيرونيكا بحضورها، لإعلامها باقترابها من الأعراس السماوية، ولتحضيرها لهذه الكرامة العالية. كان ذلك بواسطة ظهور سلطانة الملائكة على عرش عظيم، حضرت الى جانبها القديسة كاترين السيانية، وعلى الجانب الآخر القديسة روز من ليما. هاتان القديستان كانتا تلتمسان من مريم أن تمنح خادمتها النعمة المرجوّة والإحتفال بعرسها من ابنها الإلهي. فأجابت السيدة العذراء بكرم، بأن الطلب سيتحقّق قريباً. في الوقت عينه، شاهدت فيرونيكا بأن أمّ الله تحمل في يدها خاتم رائع الجمال، قائلة لها بأنه قريباً سيُعطى لها، ولذلك عليها أن تستعد للإتّحاد السماوي الذي ينتظرها.

“عندها أشارت السيّدة العذراء الى القديستين وقالت لي بأن عليّ أن أتشبّه بهما في ممارسة الفضائل الأكثر بطولية، وعلى الأخص، التواضع، والإحسان، ومعرفة الذات. وبينما كانت تحدّثني بدا لي أنها تضفي إليّ بشكل داخلي، تلك الفضائل، مع الكنوز التي لا تقدّر بثمن، المختبئة فيها… منذ ذلك اليوم عشت كأني كانت خارجة عن نفسي، ودائمة الإحساس بحضور الله”.

مواضيع ذات صلة