كيف كانت القديسة فيرونيكا ترى الهالكين في جهنّم وماذا كان يحدث لها بعد التكفير فيها عن الخطأة
ذكرنا فيما سبق، أن الرب يسوع المسيح عيّن القديسة فيرونيكا وسيطة بين الخطأة وعدالته الإلهية. ولجعلها تفهم قيمة هذه الوساطة، جعلها ترى وتختبر مرارة هذه الآلام التي تسبّبها له الخطايا. ذكرت في يومياتها عدة أحداث منها زياراتها الكثيرة الى الجحيم ورؤيتها الهالكين في جهنّم.
في ديسمبر 1690، بينما كانت تركض في الحديقة وهي في حالة نشوة روحية، وسط المطر، كانت تهتف أنها تريد الله. ثم توّقفت وقالت وسط تنهّداتها: “يا إلهي، يا حبّي اللامتناهي، أرجوك أن تهبني النعمة، أن لا تُهان بعد اليوم. ليس هناك أمراً لن أفعله لمنع فقدان هذا العدد الكبير من النفوس. يا إلهي! يا إلهي! أشعر بقلبي ينفتح”. عندئذٍ أكملت: “في تلك اللحظة، منحني الله أن أدرك جحود المخلوقات، وكم تؤلمه هذه الخطيئة. شاهدت ربّنا يسوع في آلامه، مجلوداً، مكلّلاً بالشوك، وصليب ثقيل على منكبيه”.
رأت القديسة فيرونيكا الهالكين في جهنّم زأضافت تصف ما شاهدت: “قال لي: “أنظري، وتذكّري هذا المكان جيداً. لن يكون هناك نهاية له: عدالتي وغضبي هو سخط يشكّل عذابها”.
“بدا لي أنني أسمع ضجيج هائل. وظهرت أعداد كبيرة من الشياطين، يمسكون بسلاسل تُقيّد مجموعة متنوعة من الحيوانات، التي أخذت فجأة أشكال بشرية، لكنها كانت قبيحة جداً وبشعة ، إلا أنها أخافتني أكثر من الشياطين أنفسهم”.
“وبسرعة رجعوا بهيئة الوحوش، وألقوا بأنفسهم في قدر من الظلام المطبق وهم يكفرون يلعنون الله وقديسيه.
جعلني الله أدرك أن هذه هي جهنم، وأن سكّنها هم أرواح الهالكين، الذين نتيجة لخطاياهم، قد أدينوا الى تلك الأشكال المتوحشة، وأن البعض منهم كانوا من المكرّسين في حياتهم الأرضية”.
“آه يا إلهي! ماذا يمكنني أن أفعل لأمنع هذه الجرائم؟” أعطاني الله أن أفهم أن خطيئة الجحود ونكران الجميل هي من الخطايا التي تسيء الى الرب، وهذه الخطيئة تصلب كل من يقع فيها. وأضافت القديسة فيرونيكا أنه لولا معونة ملائكتها والعذراء المباركة، لكانت ماتت من الخوف.
“بعد ذلك، أراني يسوع صليبه، وجراحه المقدسة، ودمه، الذي انسكب كنبع على الأرض، وقال مشيراً إليها: “قيمتها لامتناهية. أمنحها كلّها من أجل خلاص النفوس، لكني أجد القليل من النفوس التي تستفيد منها”.
“لن أقول أكثر، لأنه لا يمكنني قول ما يكفي. كل ما قلته هو لاشيء. كل ما سمعته عن الموضوع في السابق من الواعظين، وكل ما قرأته في الكتب، هو لا شيء. جهنّم لا يمكن إدراكها ، ولا فهم عذاباتها و عقاباتها”.
كتب الأب كرفيللي مرشدها الروحي في يومياته عن تكفير فيرونيكا عن الخطأة: “الكثير من أهم الإرتدادات التي جرت خلال خدمتي، كانت نتيجة صلواتها وأصوامها وتكفيرها، بالأخص عندما واجهت صعوبات كثيرة، كنت أستدعيها بالروح وأطلب مساعدتها بالصلاة والتكفير. وكان الله يزيدني قناعة بأن فيرونيكا كانت حاضرة معي بالروح، عندما كنت أقوم ببعثة تبشيرية”.
لكن الملفت للانتباه أكثر، اقتناع الكثيرين بأن القديسة كانت تحتمل خلال حياتها عذابات جهنم القاتلة ما عدا ألم خسران الله والحرمان منه.
أحد مظاهر هذه العذابات هو بكاءها دموع من دم. الراهبة ماريا ماجدلينا بوسكاوي، صرّحت أن فيرونيكا بعد معاناتها الرهيبة من أجل التكفير عن الخطأة والملحدين كانت “في كثير من الأحيان، تبكي دموعاً من دم، في داخلها جعلها الله تفهم حالة الخطأة، وعظمة الإهانة التي يُلحِقونها به، ووضعهم البائس. أقول أن ذلك يحدث كثيراً لأن عدد من الراهبات شاهدوا دموع الدم في عدة مناسبات”.
حماس فيرونيكا من أجل خلاص النفوس لم يعرف حدوداً. قد توسّعت وشملت الكنيسة بأسرها المحاربة والمتألمة. غالباً ما كانت السماء تدعوها لتقديم معاناتها من أجل ازدهار الكنيسة. والعذراء القديسة مريم قالت لها يوماً: “يا ابنتي، صلّي من أجل احتياجات الكنيسة المقدّسة. لأنها احتياجات عظيمة”.