فيرونيكا جولياني تحت قيادة مريم العذراء
أرَدْنَ الراهبات تعيين فيرونيكا أُمًّا مسؤولة، وحَصَلْنَ على ذلك من محكمة التفتيش، بعد امتحان غير إنسانيّ حقًّا، مرفق بإذلالات فرضها عليها الأب كريفللي، تحت سلطان الأسقف سنة 1714. مع ذلك أبقت محكمة التفتيش على الحظْر من الخروج إلى “الشعريّة”، سوى لفحص طالبات الترهّب. إنّه تدبير يُعجبها لكونها رغبت منذ زمن عدم التواصل مع الخارج.
انتُخبت في الخامس من نيسان 1717 مسؤولة، والأخوات لم يندمن على ذلك، بل سوف يُعِدن انتخابها تكرارًا حتّى موتها. وأخذت الدعوات تهطل فورًا بأعداد كبيرة، اضطُرِرْنَ معها إلى رفع العدد المحدّد في نصّ التأسيس؛ وازدادت أيضًا التقادم، حتّى أنّه بدأ الشروع قبل نهاية السنة المباشرة، بأعمال بناء قسم جديد من الدير. وقد تمّ تسديد كلّ النفقات من قِبَل العناية الإلهيّة وحدَها.
كانت فيرونيكا تعزو كلّ النجاحات إلى قيادة العذراء المباشرة، فهي التي وعدتها بأن تكون الأم الرئيسة؛ فإنّ القدّيسة، بالفعل، كانت قد وضعت أمام تمثالها، فورًا بعد انتخابها مسؤولة، مفاتيح الدير، القانون، وخَتْم الرهبنة، قائلة للأخوات: «ها هي، ها هي أمّنا الرئيسة». «يا ابنتي اطمئنّي: أنا المسؤولة، لن ينقص شيءٌ ضعي كلّ رجائك بي، اثبتي في الإرادة الإلهيّة، عيشي باطمئنان… سأحمل أنا المسؤوليّة، بحسب رغباتك؛ سيؤول كلّ شيء نحو الأفضل».
إنّها مقتنعة بأنّ مريم كليّة القداسة هي من تُرسل الدعوات، من تحرّك إرادة المحسنين، من يمنح الطواعية للأخوات، وفوق كلّ شيء، من يُلهِمها كيف يجب عليها أن تتصرّف في كلّ الشؤون. تشعر بها حاضرة بشكل مميّز، عندما تترأس “مجمع الاستغفار”، الذي كانت فعاليته ملحوظة للغاية تمامًا، لأنّ مريم الكليّة القداسة، كانت تطرح عليها ما يجب أن تقوله لكلٍّ من الأخوات، وتلقّنها التحريضات الحارّة الموجّهة للجميع. وستعي الأخوات ذلك مرارًا، كما يتبيّن من المقطع التالي: «… هنا، عند أقدام مريم الكليّة القداسة، لنقصد جميعنا تبديل حياتنا، لنَصِل إلى حياة الراهبات الحقيقيّات والقدّيسات؛ وصلّين من أجلي أنا المسكينة».
«قلت للنائبة بأن تلجأ مرارًا إلى جراحات يسوع، وإلى قلب مريم المتألّم؛ وبأنّ تفكّر بمن جَرَّح الابن وألمَ الأم. من المؤكّد أنّ كلّ خطايا العالم تسبّبت بذلك، لكن بالأخصّ خطايانا. فلتتمرَّ كلّ واحدة منّا في جراحات يسوع وفي قلب مريم. ولنقصد تبديل سيرتنا. آمين».
«لدى ابتدائي بالنشيد الليتورجي، وعيْتُ أنّي قد أتممت المجمع. ليكن كلّ ذلك لمجد الله ومجد مريم الكليّة القداسة! فهي من قال وصنع كلّ شيء».
كانت مريم أحيانًا حاضرة جسديًّا وحقًّا بدلاً عنها. وإنّ الراهبات ستشهدن بأنّ نبرة صوتها كانت عذبة لدرجة أنّها كانت تسحر قلوبهن. “فيرونيكا لإرادة الله، ابنة ومبتدئة مريم الكليّة القداسة” تحيا منذ الآن وصاعدًا محتفلة كلّ يوم بانتصار الحبّ. تجد ذاتها متوطّدة في “النِّعَم” وفي “اللا”: نعم للإرادة الإلهيّة بأمانة أبديّة؛ لا لبشريّتها، ولا لكلّ نزوة وميل أناني.