فيرونيكا تتحمل عذابات مهولة من أجل ارتداد العالم وتشبهاً بالقديس لورنس
من أجل أن تُشبع رغبتها في التكفير والإستشهاد، فرضت القدّيسة فيرونيكا على نفسها في ليلة عيد القديس لورنس، كما في أوقات أخرى أيضاً، عذابات مهولة متنوّعة، تشبّهاً بهذا القدّيس الشهيد.
كان القديس لورنس من شمامسة روما السبعة الأولين، خدم في كنيسة روما في زمن البابا سيكستوس الثاني. وكان لورنس مسئولًا عن ممتلكات الكنيسة وعن توزيع الصدقات على الفقراء والمحتاجين. كان يشتهي أن يموت شهيداً ونال أمنيته عندما أمره حاكم روما بعد استشهاد البابا، بتسليم جميع أموال وكنوز الكنيسة. فجمع لورنس الفقراء والمرضى والارامل والأيتام وقال للحاكم هذا هو كنز الكنيسة. فأمر الحاكم بربطه فوق شبكة حديدية وأشعال الفحم تحتها حتى يحترق ببطء شديد. بينما كانت النيران تشتعل في جسده كانت نيران الحب الإلهي تشتعل بقوة أكبر في قلبه حتى أنه لم يهتم بالألم. وبعد معاناة طويلة التفت إلى الحاكم بابتسامة قائلًا: “أديروا جسدي فإن ناحية واحدة قد استوت بما يكفي”، ولما أداروه أضاف: “لقد نضجت الآن يمكنكم أن تأكلوا”. ثم صلى من أجل انتشار المسيحية في روما والعالم كله وبعدها أسلم الروح.
في يوم عيد القديس لورنس صنعت القديسة فيرونيكا جولياني فراشاً من الأشواك، وكانت تستلقي عليه دون حماية وهي تتلو بتأنّي مزمور ارحمني يا الله ثلاثة مرات. بعد ذلك كانت تحشر نفسها تحت سلّة وتبقى سجينة بوضعيّة مؤلمة لمدّة ساعات. ومن ثمّ تجلد نفسها ستّمائة وستة وستين جلدة بسوط مصنوع من الشوك. لم تكتفي بذلك، فبعد أن أنتهت من عمليّة الجلد وضعت لسانها تحت حجر ثقيل لفترة طويلة من الزمن، وهي تصلّي طالبة من القدّيس الشهيد أن يحصل بشفاعته من الله على ارتداد العالم أجمع. حتى عندما كانت مبتدئة، اشتعلت في داخلها تلك الرغبة والشوق القوي بأن تقضي شهيدة.
بينما كانت تُحدّث معلمّتها في الإبتداء بهذا الأمر، سيطر عليها خفقان عنيف في القلب، وشعرت كأنه يتحطّم. سمعت معلّمتها صوت قرقعة ثلاثة ضربات حادة متتالية. فخافت واعتقدت أن القديسة سوف تموت في الحال. ورغبت في أخذها الى العيادة، إلّا أن فيرونيكا التي كانت تعرف وضعها جيّداً، أكّدت لمعلّمتها بأنّ كل شيء على ما يرام وأنّها لا تعاني من أمر خطير. في هذه المناسبة طُبع في قلبها حرف الفاء F والذي يدل على الإيمان FAITH.