الجرح الأعظم والغير معروف، يشاركه يسوع مع فيرونيكا، فما هو هذا الجرح؟
كأس المرارة وإكليل الشوك، جنباً الى جنب مع الخمس جراحات الرئيسية، لم يكونوا العلامات الوحيدة التي بواسطتها أظهر الرب يسوع المحبّة الخاصّة التي يكنّها لعروسته فيرونيكا. إرادته كانت أن تشاركه في كل ما عاناه من آلام. من بينها جرح الكتف الأيمن.
الدليل على ذلك، الى جانب ما كتبته قديستنا العظيمة في يومياتها، هناك إفادات العديد من شهود العيان، شهادات تمّ جمعها خلال حياة القديسة. وفيها أدلّة لا تقبل الجدل فيما يتعلّق بالحقائق التي تمّ البحث فيها. إحدى أبرز العلامات التي أشير اليها، هو تقوّس كبير جداً في الكتف الأيمن، الذي أحنى العظم، كما هو متوقّع من حمل صليب ثقيل أن يفعل. حين فحص الجرّاح جنتيلي جثمان القديسة فيرونيكا بعد موتها، أعلن أن حالة الكتف هي معجزة خارقة بحد ذاتها.
كتب في تقريره بعد إتمام الفحوصات “إن كان وضع كتفها حصل نتيجة وسائل طبيعية، لكان ذلك قد منعها من تحريك ذراعها. في حين انا نفسي شاهدت المكرّمة الأخت فيرونيكا تستعمل ذراعيها بحرية مثل اي شخص آخر. وتحمل الأشياء الثقيلة وتقدّم المساعدة للراهبات المريضات اللواتي كنت أعالجهن. في نفس الطريقة أيضاً، خلال مرضها الأخير، شاهدتها تحرّك ذراعها اليمنى دون أي صعوبة، وصولاً الى كتفها المتقوّسة. كانت غير قادرة على استعمال يدها اليسرى لكن ذلك نتيجة جلطة أعاقت ذراعها”.
مرجع آخر هو شهادة الأب جيوفاني ماريا كريفيللي اليسوعي: سمع الأسقف لوقا أنطونيو أوستاشي من الراهبات عن المحن والعذابات والتشوّهات التي كانت فيرونيكا تحتملها في الكثير من الأحيان، وأيضاً أن المحاولات العلاجية الغير قادرة على تفسيرها او تفاديها. كما سمع أيضاً من الآباء معرفيّ القديسة، أن تلك المحن جميعها هي نتيجة لإختبارها كل آلام ومعاناة المسيح التي منحها إياها بامتياز خاص. وإحداها هي جرح الكتف الأيمن
جميع نتائج الإختبارات والتحليلات التي أجرِيَت على كفن المسيح، أتت على ذكر جرح الكتف: “تظهرُ الجروحُ في منطقة الكتف أكثر كبرًا وتآكلاً، وكأنّه قد حمل شيئًا خشنًا وثقيلاً، وهو معطى يجعلنا نفكّر في خشبةٍ ثقيلة تزنُ أكثر من 50 كيلوغرامًا، والتي حملها من مكان الحكم بالموت وحتّى مكان تنفيذه، وهي عبارة عن الذراع الأفقي للصليب والذي يُرفع علىعمودٍ يستندُ على الأرض.”
أخبر القديس برنار دو كليرفو، الأباتي والصوفي الفرنسي الذي ساعد على تجديد الرهبنة السيسترسية في القرن الثاني عشر، عن حديث أجراه مع ربنا، وصلى خلاله سائلاً يسوع عن ألمه الأعظم غير المذكور؛ فأجابه الرب: “كان لديّ على كتفي أثناء حمل صليبي على درب الآلام جرح موجع أشدّ ألماً من الجروح الأخرى، وغير مذكور من قبل البشر. كرّم هذا الجرح بعبادتك، وسأمنحك كل ما تطلبه بواسطة قوته واستحقاقه. وسأغفر لجميع الذين يكرمون هذا الجرح، كل خطاياهم العرضية، ولن أتذكر خطاياهم المميتة”.
أما القديس بيو دي بييتريلتشينا فهو أخ وكاهن وصوفي كبوشي توفي سنة 1968. وكان الأب بيو معروفاً كمعرّف ورجل قديس حمل جراحات المسيح لأكثر من 50 سنة على يديه ورجليه. في كتاب نشره دير القديس بيو باللغة الإيطالية بعنوان “البابا والأخ”، أفاد الكاتب ستيفانو كامبانيلا أن القديس بيو أجرى حديثاً هاماً مع كارول فويتيلا، البابا القديس المستقبلي يوحنا بولس الثاني. بحسب كامبانيلا، سأل الأب فويتيلا الأب بيو عن جرحه الأشد ألماً. فتوقع الأب فويتيلا من الأب بيو أن يتحدث عن جرح صدره. لكن الأب بيو أجابه: “إنه جرح كتفي الذي لا يعرفه أحد ولم يُداوَ أو يعالَج”.
سعى القديس برنار دو كليرفو بعد تلقي الرسالة من المسيح بشأن ألم كتفه الذي عانى منه، إلى تعزيز العبادة لجرح كتف المسيح، وكتب الصلاة التالية:
صلاة لجرح كتف المسيح تتلى يومياً:
آه يا يسوع الحبيب، يا حمل الله الوديع، أنا الخاطئ البائس، أحيّي وأعبد جرح كتفك الكلّي القداسة الذي حملت عليه الصليب الثقيل، والذي مزّق جسدك وجرّد عظامك الثلاثة الى درجة من الألم تفوق كل جراحات جسدك الأخرى.
أعبدك يا يسوع الكليّ الألم وأمدحك وأمجدك، وأقدّم لك جزيل الشكر على ھذا الجرح المؤلم الكلي القداسة، وأرجو منك بحق ھذا الوجع الشديد، وبحق الحِمل الساحق للصليب الثقيل، أن ترحمني، أنا الخاطئ، وتغفر لي كل خطاياي المميتة والعرضيّة**، وتُعينني في ساعة موتي، وأن تقودني نحو السماء. آمين.
(٣ أبانا و ٣ سلام و ٣ مجد)