القديسة فيرونيكا تنال هبة خاصة تتكرّر عند احتفالها بذكرى إبراز نذوراتها
في يوم إبراز نذوراتها المؤبّدة تأمّلت القديسة فيرونيكا باستعداد يسوع المسيح في قبول كأس المرارة من يد ابيه السماوي. دون الإستسلام للخوف الذي شعر به في بشريّته المقدّسة.
كتبت في يومياتها: “هنا وجدت الدرس اللافت للنظر، أنه في تلك اللحظة، شعرت أني أقف أنا أيضاً متّحدة مع إرادة الله. من وقت لآخر شاهدت يسوع يحوّل عينيه نحوي بحبّ. وقال لي ‘تعالي إليّ. تعالي إليّ’ يرمز الى أنه يرغب بإثراء روحي بجميع نعمه الإلهيّة. من المستحيل وصف المشاعر والأنوار التي منحني إيّاها في ذلك اليوم. قضيت أربع وعشرين ساعة دون أن أعلم إن كنت في السماء أو على الأرض.”
هذه الرؤية كانت تتكرّر عبر السنوات عندما كانت تحيي كل عام ذكرى إبراز نذوراتها خاصّة في وقت المناولة المقدّسة التي كابدت نفسها مشقّة كبيرة في إعداد نفسها. فقد غمرها الله نعماً غزيرة. واستلمت نوراً وقوّة لتسلّق أعلى درجات الكمال الروحي. عن هذه النعم التي مُنحت إياها خلال المناولة المقدّسة كتبت في يومياتها: “أثناء المناولة المقدّسة وجدت كل حواسي مبتهجة، وروحي مغمورة في بحر الحبّ الإلهي.”
في يوم آخر لذكرى إبراز نذوراتها المؤبّدة تقول: “بعد المناولة المقدّسة وجدت نفسي تنخطف من حالة التأمّل الى نشوة روحية. في لحظة واحدة كانت الروح متّحدة مع الله في حبّ متبادل. بدا لي كأن الله ألّه الروح. لا أعرف كيف يمكن التعبير عن ذلك. أعتقد أن روحي انفصلت عن جسدي. لست متأكّدة إن كان ما أقول واضحاً. ولا أعرف إن كان كلامي بلا معنى. من المستحيل وصف ما كنت أشعر به. أومن أن روحي في تلك الساعة كانت عروسة الله”.
لكي لا يعتقد القارئ أن القدّيسة فيرونيكا تتوهّم، عليه أن يسمع كيف كانت فيرونيكا تعامل ذاتها عندما كانت تتّحد بالتمام مع الله. كتبت عن تذكار إبراز نذوراتها في عام 1701:
“في هذا الصباح، قليلاً بعد المناولة المقدّسة، دخلت فجأة في انخطاف. رأيت مشهد قيامة ربنا من بين الأموات. يبدو لي أنني ازدريت المشهد لاعتقادي أنها من اختراع الشيطان. وكنت مصمّمة أن لا أعطيه فرصة لإستغلالي، بل أن أموت قبل أن أغيظ الله، غير راغبة بشيء سوى بتحقيق مشيئته القدّوسة. فصلّيت أن ينجّيني من أساليب العدوّ هذه. محتجّة في نفس الوقت بأنّني لم أسعى الى الحصول على الرؤى والتعزيات. بل فقط أن أعمل مشيئة الله، وتجنّب إهانته”.
“لكن الرؤية أصبحت أكثر وضوحاً، ونما في داخلي ندماً عميقاً على خطاياي تجاه الله. وألقيَت أنوار جديدة على أخطائي. مقنعة إياي بأن هذا ليس عمل إبليس. بل الكليّ القدرة، الذي سرّه أن يعطيني إرشادات جديدة في طريق الفضيلة. أدركت بلحظة من هذا الإتّصال كيف يجب أن تُمارس كل فضيلة. وكيف ينبغي أن يصاحبها التحرّر من ذواتنا، وذلك بواسطة الإيمان والرجاء بالله. باختبار وجود الله. بنقاء وبكمال الحبّ لله. بالإستسلام للمشيئة الإلهية. بواسطة استشهاد كليّ لدرجة أن الروح لا تتمتّع بشيء، فقط بالله. بالحرص المستمر. بالإجتهاد في تجنّب ملاحظة المخلوقات حتى نكون معروفين من قبل الله وحده. وباحتضان طوعاً كل الفُرص بأن نُعامل باحتقار من قبل الآخرين. بالسير بسهولة نحو الأمور التي تتطلّب أن نتواضع.”
“عندما نمارس أي فضيلة، عليها أن تكون مصحوبة بكل هذه الأمور. ولا سيّما بالتواضع المقدّس، الذي يجعل جميع أعمالنا مقبولة لدى الله.”