القديسة فيرونيكا تتنبّأ بالعلامات المطبوعة في قلبها وتفسّر معناها
كان لدى القديسة فيرونيكا جولياني ميزة خاصة لا نجدها في سير القديسين الآخرين.نقصد الإشارة الى العلامات العديدة والعجائبية التي طُبعت على قلبها. نقول العديد بسبب أنه اكتُشف ما يشابه بعضها في قلب الطوباوية كلارا من جبل فالكو والطوباوية مارغريت دي كاستيلو.
في قلب فيرونيكا وُجد ما لا يقل عن أربع وعشرين علامة: – صليب لاتيني، على الجزء الأعلى من العارضة العمودية يوجد حرف C في وسط الصليب حرف F، على اجهة اليمين من العارضة الأفقية يوجد حرف V وعلى جهة اليسار حرف O.
فوق الصليب على أحد جانبيه، إكليل الشوك. الى اليسار راية على عصا ملقاة بالعرض على الصليب، تنقسم الى قسمين . على القسم الأعلى من الراية طُبع حرف L، وعلى القسم الأسفل الحرف M مائل. بالقرب من أعلى الراية توجد شعلة ناروتحتها مطرقة، كمّاشة، رمح، وقصبة مع اسفنجة في قمّتها. على يمين الصليب بدءاً من الأعلى ثوب المسيح المنسوج كلّه دون خياطة، شعلة لهيب ثانية، كأس (المرارة) جرحان، عمود صغير(عمود الجلد) ثلاثة مسامير، سوط، وسبعة سيوفعلى جانيهم من الأعلى حرفي P، وحرف V من الأسفل.
جميع هذه العلامات باستثناء الكأس ذكرها الأب رانييرو غيلفي في عملّية جمع المعلومات والتي تحتوي على الإختبار الذي خضع له في 26 ايلول 172، أي 10 أسابيع بعد وفاة القديسة فيرونيكا. في سبت النور من السنة داتها كانت القديسة فيرونيكا قد ذكرت للأب غيلفي تحت أمر الطاعة ، في أنّه خلال الأسبوعين الأخيرين من زمن الصوم تمّ طبع شعلتيْ لهيب في قلبها بالإضافة الى راية طبع عليها الحرفين الأولين من الإسمين الأقدسين يسوع ومريم.
تأكّد الأب في سياق الحديث بأن هناك المزيد من العلامات المطبوعة على قلبها، فتصوّر بأنه سيكون جيداً الحصول من القديسة نفسها على وثيقة تشرح الأمر كي يسهل التأكد من دقّتها بعد موتها. فأمرها برسم صورة لقلبها مع كل العلامات المطبوعة عليه. أطاعت القديسة فيرونيكا لكن بما أنها لم تكن تجيد الرسم فقد استعانت بالأخوات فلوريدا شيوللي ومريم المدلية بوسكيني. مع ذلك لم تقل لهما أن هذا العمل مهم او جدّي، بل تعاملت مع الأمر كما لو كان مجرّد نكتة او مزح.
قصّت ورق مشمّع على شكل قلب وألصقت عليه أوراق بيضاء بالأشكال المذكورة. باستثناء الراية المقسومة والشعلتين فقد رسمتهم بلون أغمق. بعد ذلك أضافت التسع أحرف بالقلم والحبر. ومدّت خطّاً يربط الكل مع بعضها البعض.
أنهت القديسة فيرونيكا عملها هذا قيل عيد العنصرة ووضعته بيد الكاهن الأب غيلفي، ثلاثة أيام قبل إصابتها بجلطة سكتية. خلال مرضها هذا أودع الكاهن رسم القلب بظرف وختمه بختمه الخاص وسلّمه للأسقف، بحيث استخدمه خلال شهادته عن القديسة وخلال عمليّة التطويب.
تلك الشهادة أكّدها مختلف الشهود بالإضافة الى أن تلك العلامات المطبوعة في قلب القديسة كانت تتحرّك قي بعض الأحيان وتنبعث منها أصواتاً مسموعة بدرجات مختلفة، بحسب اختبار القديسة للعذابات المحدّدة. أقيم اختبار رسمي بتفويض وتوجيه من الأسقف شارك فيه كل من الأساتذة جيوفاني فرنشيسكو جنتيليالطبيب الجرّاح، والطبيب جيان فرانشيسكو بورديغا، بحضور المونسنيور توريجياني الذي أصبح لاحقاً كاردينالاً في الكنيسة المقدّسة، المستشار فابري، رؤساء الأديرة دون فرانشيسكو ماريا بيسوتشي، دون جياكومو جيليني، دون جيوفاني فالكوني، دون سيزار جيانيني. الأب غيلفي، الفنّان لوكانطونيو أنجلوتشي، وعدّة راهبات.
اكتشفوا عند شقّ القلب في القسم الأيمن: صليب في أعلاه حرف Cوبجانبه إكليل شوك صغير وشعلتين وسبع علامات تلتقي في نقطة واحدة وتشكّل ما يشبه المروحة، إشارة الى السيوف السبعة التي اخترقت قلب العذراء القديسة، الأحرف P و V، حربة وقصبة يتقاطعان، راية موصولة الى رمح وتنقسم الى قسمين وعليها الأحرف I , M
ومسمار محدّد الرأس. باقي الأمور لم تفحص اكثر من ذلك لأن الأسقف خاف من إفساد العملية للقلب.
وكان غير راغب ايضاً بإثارة مشاعر الحضور اكثر من ذلك وخصوصاً الراهبات اللواتي كُنّ متأثرات جداً من مرأى قلب قديستهم التي كانت متوفيّة منذ أربع وثلاثين ساعة فقط، ولم يشأ أن يزيد من حزنهم على فقدانهم رفيقتهم ورئيستهم القديسة.
لقد شاهدوا ما يكفي ليقنعهم بدقّة البقية، فأوقفوا العملية.
قبل أن يأتي هذا الموضوع الى نهايته، علينا تبيين المعنى والمغزى من تلك العلامات. وأوضحه الأب غيلفي بعد أن سمع الشرح من القديسة فيرونيكا بذاتها:
“الأحرف على الراية هما اول حرف من إسمي يسوع ومريم. حرف C هو الإحسان او البرّ (Charity). F (Faith & Fidelity) الإيمان ,والأمانة لله. O (Obedience) الطاعة، حرفا V للتواضع ومشيئة الله، حرفا P للصبر والمعاناة، الشعلتين تمثّلان حبّ الله ومحبّة القريب، الراية تعني الإنتصارات التي حقّقتها القديسة فيرونيكا أثناء حياتها. والسبعة سيوف هي علامة على مشاركتها في أحزان الأمّ القديسة مريم. والباقي هي أدوات الصلب وآلام ربّنا ومخلّصنا يسوع المسيح.”