الرب يكافئ القديسة فيرونيكا بمواهب عظيمة على تضحياتها البطولية
منذ أنهت القديسة فيرونيكا جولياني مرحلة الإبتداء، شغلت مختلف المناصب من أبسطها الى أعلى منصب – رئاسة الدير. فيما يلي فكرة عن وظائفها المتعدّدة: في أوقات مختلفة من حياتها كانت مسؤولة عن المطبخ والمستوصف، غرفة الغسيل، المخزن، السكرستيا، وطالبات الإبتداء. آخر الأمر عُيّنت أمّ رئيسة.
قامت بكل تلك الوظائف برباطة جأش مثالية للغاية، واعتبرت نفسها في كل عمل خادمة للجميع. من هنا أظهرت دقّة وحرص في ادائها اي واجب طُلب منها. على الرغم من أن قوانينها كانت رقيقة بصورة غريبة إلا انها معرّضة للتأثر بكل سهولة. جاهدت بطريقة بطولية في السيطرة على شعور الإشمئزاز الطبيعي فيها. مثال على ذلك حدث عندما شعرت ان لم يعد بإمكانها تحمل رائحة بعض السمك عندما كانت تنظفه. فأخذت واحدة ووضعتها في غرفتها وتركتها هناك حتى تعفّنت تماماً. وفي كثير من الأحيان كانت ترفعها الى أنفها، بحيث أصبحت تقبل برضى رائحة السمك الطازج. في نفس الطريقة سيطرت على اشمئزازها من رائحة فم راهبة مريضة كانت تعتني بها حين عملت في المستوصف، كانت المريضة تعاني من قرحة في فمها. كانت فيرونيكا تبدّل لها باستمرار قطعة القطن في فمها. وكي تتغلّب على شعورها اخذت قطعة قطن بعد اخراجها من فم المريضة ووضعتها بغرفتها وعندما لم يشاهدها أحد شرعت تمضغها عمداً محطّمة ببطولة اشمئزازها، وساحقة قوّات الجحيم.
يمكننا أن نفهم كم كانت هذه الأعمال تغيظ الشيطان، فألحق بقديستنا التنكيل والمضايقات بقدر ما استطاع. على سبيل المثال عندما كانت مسؤولة في المطبخ غالبا ما سكب محتويات الأوعية إما في النار او على الأرض. عادة كان يفعل ذلك في المناسبات التي كانت زميلة فيرونيكا في العمل الأخت فرانسيس، تعلم أن الأقدار وُضعت بثبات بحيث لا يمكن قلبها بوسيلة طبيعية. مع ذلك لم يتوانى الله العليّ امام هذه التجارب عن إغداق علامات لا شك فيها عن مساندته ورضاه على بطولة فيرونيكا.
من بين تلك الأمور، كانت المونة تتضاعف تحت يديها. الأخت فرانسيس ذاتها شهدت على الحقائق التالية، التي حدثت في الفترة التي كانت مساعدة لقديستنا حين كانت مسؤولة عن المخزن. في أحد الأيام شغلت فيرونيكا نفسها في فحص وتنظيف قوالب الجبن، والتي يُحتفظ بها في جرّة كبيرة من الفخّار، مليئة لمنتصفها. حالاً بعدما أنهت عملها، قالت لرفيقتها وهي تبتسم: “أنقلي هذا الجبن لوعاء آخر ورتّبيها جيداً”. عند قيام الأخت فرنسيس بذلك وجدت أن كميّة الجبن لا تملأ الجرّة الكبيرة فحسب بل بقي إثنا عشر قالباً لا مكان لهم فيها. فوضعتهم في سلّة. وعندما عادت من جديد الى غرفة المخزن وجدت عددهم قد تضاعف للمرة الثانية وأصبحوا ثمانية عشر قالباً.
في عدة مناسبات أخرى، بعد أن تم عدّ كمية البيض في مخزن الطعام، وُجد أن الكمية تضاعفت الى أن وصلت أحياناً الى 100 بيضة حسب إحتياج الجماعة. حادثة أخرى جرت حين أرسل أحد المتبرّعين للدير بعض الأسماك، التي من شأنها أن تكفي لوجبة غذاء واحدة بحيث تحصل كل راهبة على سمكتين. لكن فيرونيكا التي كانت حينها مسؤولة عن تحضير طاولة الطعام زوّدت كل راهبة بسمكتين واحياناً ثلاث سمكات على مدى عدة أيام. رفيقاتها الراهبات اللواتي كنّ يعلمن أنها لم تغادر الدير استغربن وسألنها: “كيف دبّرتي في أن تبقى الأسماك طازجة طوال هذه الأيام؟”. أجابت القديسة “كلوا ، كُلوا ولا تهتمّوا للأمر”.
حين اكتشفت الراهبات أنها تملك هذه الموهبة، التجأت اليها المسؤولات عن المخزن عندما كان يقلّ مخزون الطعام، فكان جوابها دائما: “ليكن لديكنّ ثقة بالله”. وكل نقص إن كان بالكمية او بالجودة كان يُصلح ويُجدّد فوراً.