القديسة فيرونيكا تختار الدير المناسب وتقنع المطران رغم صغر سنها واكتمال العدد المحدد للراهبات

1٬162

أي دير يقع عليه اختيارها يا ترى؟

هناك في ميركاتيللو دير لراهبات القديسة كلارا حيث تقيم ثلاث أخوات لها. لكن هذا الدير لا يحفظ القانون الأولي، بينما أورسولا تحلم بالفقر الساروفيمي، الذي عاشه القديس فرنسيس والقديسة كلارا: الفقر المطلق، الفقر الجماعي.

وقد تم حينها إصلاح داخل رهبنة الإخوة الأصاغر، وهو الإصلاح الكبوشي. فالإصلاحات داخل العائلة الفرنسيسكانية لا تدل على انحطاط بل هي ازمة تطوّر وحيوية ساروفيمية متّقدة. فالإصلاح الجديد ليس رهبنة جديدة، إنما رهبنة القديس فرنسيس بذاتها، بتسمية جديدة. هي رافد آخر للنهر المتدفّق شقّه مجرىً أكثر تدفّقاً. وهو فرع آخر برز في تلك الشجرة المورقة بتأثير سائلٍ هو أكثر حيوية ونشاطاً. والمؤسس يحيا ويدير، بلا انقسام، فروع رهبانيته المجزّأة قانونياً.

رغبت بعض أديرة راهبات القديسة كلارا في الحصول على الحياة من هذا الغصن النضر. في نابولي، وضعت السيدة الشريفة «لونغو» نفسها مع صبايا من المدينة وراهبات مرسلات من دير آخر للقديسة كلارا تحت إدارة الأخوة الأصاغر الكبوشيين واتّبعن رسومهم الخاصة. واقتدى غيرهم بهن؛ وحتى راهبات القديسة كلارا اللواتي يديرهن ويرشدهن الكبوشيون اتّخذن اسم الكبوشيات.

وقد أقامت كبوشيات في «أومبريا»، في «شيتا دي كاستيللو» وهي كرسي أسقفي كانت تتبعها قديماً ميركاتللو. ومن المشهور عنهن أنهن كنّ يحين حسب قانون القديسة كلارا الأول تماماً. وكانت أفضل العائلات ينوين إرسال بناتهن إليهن. فقال صوت داخلي لأورسولا إن هذا مكان راحتها.

فبدأت بزيارة السيدة العذراء في «بلفيدير» وهو معبد غير بعيد عن شيتا دي كاستيللو لتستشف كيفية الوصول الى الهدف. ها هي متأثرة جداً أمام حاجز الدير (الشبك) متمنية دخولها القريب. كانت أقوالها ولهجتها قد أثّرت على الراهبات المتوحدات، لكن عدد هؤلاء المتوحدات الذي حدّدته السلطة الكنسية قد اكتمل، وهناك طالبة تنتظر دورها. مع ذلك، أشير على أورسولا أن تقوم بزيارة لسيادة المطران المونسنيور «سيبستياني» مرسل رهبانية الكرمل سابقاً. رافقها في هذه الزيارة العم «رازي»، فرأى المطران أنها لا تزال صغيرة السن إذ لم يكن لها سوى ست عشرة سنة.

وفضلاً عن ذلك فإنه لا يستطيع أن يسمح بتجاوز عدد الراهبات المتوحدات. وبينما هي تنزل درجات الصرح الأسقفي حزينة، استدارت فجأة بعزم وعادت من جديد عند أقدام الأسقف تقبّل ثوبه وتتوسّل إليه بدموع كي يقبلها في مصاف بناته.

أعجب المطران بالإيمان والحزم اللذين تتمتّع بهما تلك الشابة الغريبة وأجرى لها الامتحان المألوف حالاً. فقدّم لها كتاب صلاة ضخماً قائلاً: «إقرئي». قرأت، وقرأت بدون أخطاء؛ قرأت بدون تلعثم؛ قرأت بذكاء وثقة كاملة لغة الكنيسة. فلمعت أسارير الرضى في عيني المُمتحن، وعلامات الدهشة على قسمات وجه العم رازي لأنه يعرف أن إبنة أخيه لم تكن قد قرأت اللاتينية إطلاقاً. عقِب الامتحان بعض الأسئلة، فجاءت الأجوبة دقيقة ومتواضعة، فسقط قرار الرفض.

هل كان لأورسولا أرجل أم أجنحة؟ فإنها لم تعد تلامس الأرض. ها قد أضحت في الدير: «هل توافقن علي؟» أُعطِيت الحبل الساروفيمي علامة لقبولها، حبلاً عليها أن تحمله علانية الى يوم لبس الثوب. فأخذت طريق العودة الى موطنها.

عليها أن تجتاز «بورغو – سان سيبولكرو». ومن المعروف عن هذا الريف القريب من دير مونت كازال الذي أنشأه القديس فرنسيس نفسه، إن القديس فرنسيس غالباً ما كان يسير في تلك الطريق وعيناه سائحتان تتطلّعان الى السماء وهو في حالة انخطاف بدون أن يرى وبدون أن يسمع جلبة الجمع الذي كان يهتف له مقبّلاً يده وأكمام ثوبه. فأورسولا كانت، حسب اعترافها، في حالة من النشوة والانخطاف مشابهة لحالته؛ فهي ستكون ابنة الساروفيمي الملتهب.

مواضيع ذات صلة