مدخل الى كتاب الآلام المتجددة وأقسام أحداث حياة القديسة فيرونيكا

1٬204

هذا الكتاب هو دراسة بقدر ما هو حياة. فقد استوحى المؤلف منطق الأحداث بقدر ما استوضح تاريخها. وقد استنتج حقيقة شخصية القديسة فيرونيكا ورسالتها السماوية من أوقيانوس الوقائع التي تؤلّف هذا الوجود العجيب.

لقد دعي البعض لتمجيد الله بتعظيم أبهة العبادة. ودعي آخرون لتمجيد حبّه تعالى بالفقر الاختياري والفرح، وآخرون لنشر الحقيقة في العالم، وآخرون لتعليم كيفية الصلاة، وآخرون لتعميم عبادة القلب الأقدس، وآخرون لزرع «الطريق الضيّق» بالورود لكي يُخرجوا النفوس من بين الأشواك التي تملأ «الدرب الواسع والرحب».

أما قديستنا فلترفع المصلوب أمام أعين البشر، وتشترك بالفداء مع المسيح متّحدة بمريم «شريكة الآلام»، فتضحي ذبيحة تقدّم الى العدالة الإلهية بيد المحبة. ورسالتها تحتوي إسمها: فيرونيكا (صورة حقيقية)، نسخة حيّة وأمينة ليسوع المصلوب.

وقد نجد تكلّفاً قسرياً في المشابهة التي وضعها المؤلف بين حياة القديسة فيرونيكا وآلام يسوع. ألا يلام غالباً كتاب «المطابقة» الرائع حيث يقارن «برثلماوس دس بيز» صورة القديس فرنسيس بصورة يسوع المسيح، مظهراً أن الأب الساروفيمي كان في جميع أحداث حياته نسخة متطابقة وكاملة، بقدر الإمكان، لصورة ربنا وكأنه يسوع مسيح آخر؟ فعندما يتحدّث المؤلف عن المشابهة بين سيدنا يسوع المسيح والقديسة فيرونيكا يلج تفكير القديس بولس الذي يقول لنا: «فالذين سبق فاختارهم سبق فأعدّهم ليكونوا على مثال صورة ابنه» (رومية 29:8). فجميع المختارين إذا مشابهون ليسوع، إنما لكل واحد درجته الخاصة. يعتقد المؤلف أنه وصف بدقّة قداسة فيرونيكا، كما وأشار أيضاً بكل دقّة الى العلامات المشابهة للمعلّم، لكنه لا يدّعي فرض هذه النظرة فيما يخص التقارب الذي أظهره بين حياة وموت القديسة فيرونيكا وآلام الفادي. فليس هذا إلا مقارنة بعيدة، ولكن كم هي معبّرة ومذهلة! وقد قال لها سيدنا يسوع المسيح: «عذاباتك ليست سوى شرارة صغيرة من سعير أتون آلامي». ولكنها شرارة تعطينا فكرة عن هذا الأتون.

قد يُدهش القارئ إذ يصادف غالباً عبارات أطلقت على القديسة فيرونيكا ك «شريكة الفداء» و «وسيطة». فتتلاشى دهشته أمام الواقع التالي: إن ربنا يسوع المسيح نفسه دعاها هكذا بوضوح وصراحة في عدة مواضع من يومياتها التي وافقت عليها الكنيسة. وإن المؤلف يلفت انتباهنا الى وجوب فهم هذه التعابير كما في قول القديس بولس: «إني أكمل في جسدي ما نقص من آلام المسيح» (كولوسي 24:1). فعلى كل مسيحي أن يشارك ويكون وسيطاً في الفداء مع المسيح وفي المسيح وبارتباط وثيق بالمسيح. أما من جهة لقب «شريكة الفداء» الجميل، فيطلق بنوع خاص على العذراء الكليّة القداسة. ولا يمنح هذا اللقب للقديسة فيرونيكا إلا لأجل اتحادها الوثيق بالمخلّص وبوالدته الإلهية. ألم تحمل، بنعمة فريدة ومذهلة آلام الإثنين؟

لا شك أنه ليس من الضروري تنبيه القارئ بأن الظواهر الخارقة المسرودة في سيرة حياتها لا تشكّل بحد ذاتها القداسة. فالقداسة هي المحبّة، محبّة الله والقريب الكاملة. القداسة هي في الفضائل البطولية التي مارستها القديسة. فلا نرغبنّ اذاً بالنعم الفائقة الطبيعة والميزات العجائبية التي تشكّل قسماً غير قليل من حياة القديسة فيرونيكا، بل لنطلبنّ من هذه القديسة العظيمة شرارة صغيرة من محبّتها ليسوع المصلوب ومن محبّتها البطولية للقريب. لنسألها مع الكنيسة إماتة حواسنا وصلب أجسادنا لكي نحقّق كلمة القديس بولس: «الذين هم للمسيح قد صلبوا جسدهم وأهوائه». (غلاطية 245).

وقد عرفنا من يومياتها الأحداث المتعلّقة بالأقسام الخمسة الأوائل، ومن ملفات دعوى تطويبها الأحداث المتعلّقة بالقسمين الأخرين.
لهذا جاء العنوان «الآلام المتجدّدة»، وكان التقسيم كما يلي:

القسم الأول: تهيئة الآلام
– الفصل الأول: ظهور الضحية
– الفصل الثاني: اختيار الضحية
– الفصل الثالث: زينة الضحية
– الفصل الرابع: تقدمة الضحية
– الفصل الخامس: تكريس الضحية

القسم الثاني: مشاهد الآلام
– الفصل الأول: مشهد الجسمانية (كأس المرارة)
– الفصل الثاني: مشهد المحاكمة (الجلد، إكليل الشوك، حمل الصليب)
– الفصل الثالث: مشهد الجلجلة (صرح الصليب العاري)
– الفصل الرابع: مشهد الجلجلة (الصوم الكبير)
– الفصل الخامس: مشهد الجلجلة (الاعتراف العام)
– الفصل السادس: مشهد الجلجلة (العرس الإلهي)
– الفصل السابع: مشهد الجلجلة (اختراق القلب)
– الفصل الثامن: مشهد الجلجلة (السمات)
– الفصل التاسع: مشهد الجلجلة (الصوم الكبير)
– الفصل الخامس: تجديد مشاهد الآلام

القسم الثالث: أشخاص الآلام أو الجلّادون
– الفصل الأول: سيدنا يسوع المسيح
– الفصل الثاني: القديسة كلارا
– الفصل الثالث: ممثلو الله
– الفصل الرابع: الأخوات العدوّات
– الفصل الخامس: الشياطين
– الفصل السادس: القديسة نفسها

القسم الرابع: المساندون
– الفصل الأول: القيروانيون والفيرونيكيات
– الفصل الثاني: الملاك المعزّي ومريم العطوفة
– الفصل الثالث: سيدنا يسوع المسيح

القسم الخامس: ثمار الآلام
– الفصل الأول: لأجل سيدنا يسوع المسيح
– الفصل الثاني: لأجل الكنيسة المجاهدة
– الفصل الثالث: لأجل الكنيسة المتألمة

القسم السادس: اكتمال الآلام
– فصل وحيد: مرض وموت الضحيّة

القسم السابع: القبر الممجّد
– الفصل الأول: المأتم الحافل
– الفصل الثاني: الفضائل البطولية
– الفصل الثالث: الفضائل البطولية في الوظائف
– الفصل الرابع: المواهب والنعم الفائقة الطبيعة
– الفصل الخامس: تكريمها في مسقط رأسها

مواضيع ذات صلة