مقدمة كتاب الآلام المتجددة أو القديسة فيرونيكا جولياني

1٬730

المقدمة

جاء في يوميات قديستنا الكبيرة انها رأت ذات يوم نفوساً ترتاح في قلب يسوع، فأدركت أنها نفوس الذين أخذوا على عاتقهم كتابة سيرة حياتها ليعرّفوا العالم بها.

فطوبى لكل من سيجتهد في نشر تكريم هذه النفس المختارة، لأنه بذلك لا يعلن مجدها بل مجد ذاك الذي طاب له أن يُظهِر جلاله وقدرته وعظمته وعظمة عطاياه من خلالها. فسبحانك يا رب في قديسيك! وما أعظمك يا الله في ابنتك المختارة فيرونيكا جولياني! لقد ردّدت لها مراراً قولك بأنك ترغب في أن يعرفها العالم كله لتمجيد اسمك ولتثبيت الإيمان وانتصار المحبة. فما أسعد من يستطيع أن يساهم في تلبية رغبتك هذه، فهو، بنعمتك وبدفع واختيار منك، يُقدم على ذلك، لأن الأزمنة أزمنتك يا رب و «ألف سنة كيوم واحد» في أعين جلالتك، لكيما «ترفع المتواضعين وتحطَّ المقتدرين» فتجعل «من العاقر أماً لبنين كثيرين». لذلك نرفع لك الشكر يا الله ولابنك الوحيد سيّدنا ومخلصنا يسوع المسيح كما جاء في سفر الرؤيا:

«أنت أهل أيها الرب إلهنا لأن تنال المجد والإكرام والقدرة لأنك خلقت الأشياء كلها، وبمشيئتك كانت وخُلِقَت (رؤيا 11/4). أنت أهل لأن تأخذ الكتاب وتفض ختمه، لأنك ذُبِحتَ وافتدَيتَ لله بدمك أناساً من كل قبيلة ولسان وشعب وأمة» (رؤيا 9/5-10).

هل حان وقت فض ختم كتاب فيرونيكا جولياني؟ فبالرغم من كل ما كُتِبَ حول سيرة حياتها، فهي لا تزال شبه مجهولة قبالة ما قد وعد الله بتحقيقه من خلالها، وقبالة النعم الفريدة جداً التي منحها إياها. فقد بدأت تلوح في الأفق بعض إشارات روح الرب القدوس الذي يغار على كنزه الثمين هذا. فبالرغم من مرور مئتين وسبعين سنة على وفاتها، لم يظهر أي عمل جدّيٍّ وشامل حول «يومياتها» إلّا منذ بضعة عُقود. وما أن تمَّ إصدارها حتى قُدِّمت هذه النفائس إلى السلطات الكنسية لإعلانها «معلمة الكنيسة»، وذلك منذ حوالي سنتين. ولا عجب في ذلك بسبب ما تحتوي عليها يومياتها من حقائق إيمانية ثابتة وكنوز لا ثمن لها في تثبيت العقائد الكنسية ودحض المعترضين عليها أو المشكّكين فيها.

زد على ذلك لجّة التواضع التي توصلك إليها مطالعة كتاباتها التي ترغمنا على رؤية حقارتنا أمام عظمة الله. إنها ستكون بالتأكيد ذات أهمية لا مثيل لها في قيادة نفوس مُحبّة عديدة إلى القداسة وإلى سلوك دروب المحبة العارية والكاملة. وخصوصاً النفوس التأملية التي تشاطرها دعوتها في الكمال. علَّ الرب الإله وأمه العذراء القديسة يساعداننا ويساعدان الجميع على ترجمة «يومياتها» الضخمة ونشرها في العالم كله، كما على الإسراع في إعلانها، وبجدارة، «معلمة الكنيسة».

وإذ نسأل الله القدير ذلك، نبدأ بتقديم كتاب «الآلام المتجددة أو القديسة فيرونيكا جولياني» للأخ الكبّوشي «ديزيره دي بلانش» لكيما نتذوق منذ الآن قسماً غير قليل من كنزها ونعمها.

ولماذا هذا الكتاب بالذات وليس غيره من الدراسات العديدة التي وُضِعَت مؤخراً حول سيرة حياتها؟

نعتقد أن شَغَف كاتبه وفيض محبته الملموسة لهذه القديسة هما في طليعة الأسباب. فإن المحبة من الله وما تمَّ بمحبة تمَّ بالله. فالمحبة أزلية خالدة وما صُنع فيها وبها هو رسالة نأمل أن نحملها ونكملها ولو عن غير أهليّة واستحقاق. كما نأمل أن تكون الترجمة قد أعطت المعنى والأسلوب حقّهما، متكلين بذلك على النعمة الإلهية التي تعطينا دوماً كل ما هو ضروري لتتميم المطلوب، آملين انهاءه وإصداره خلال السنة 1997، تاريخ الذكرى الثلاثمئة لنوال قديستنا سمات الرب في جسدها المقدس.

ونشير إلى أنَّنا لم نجد ضرورة في ترجمة الملحق الذي أضافه المؤلف في آخر كتابه.

كما نشير أيضاً إلى أن نائبتها الأخت «فلوريدا شيفولي» المذكورة مراراً في سياق الكتاب قد تمَّت اضافتها إلى لائحة الطوباويات وذلك في 16 أيار سنة 1993، علّ شفاعتها وصلاتها تكونان سوراً وهداية لنا.

والجدير بالذكر أن هناك العديد من محبّي القديسة فيرونيكا قد ساهموا في مجالات متنوعة لإصدار هذا الكتاب، مع اتفاقهم على عدم ذكر أسمائهم لكي يظهر مجد الله فقط.

مواضيع ذات صلة